
كتاب طقوس فنية لصاحبه ماسون كارييلقي هذا الكتاب النظر على الجدول اليومي لأشهر المبدعين والفنانين من كُتاب ورسامين وفلاسفة ومفكرين.كان لهم اسم في صفحات التاريخ .
فقد استوحى الكاتب فكرة هذا الكتاب من خلال محاولاته لتنظيم وقته ليصبح أكثر إنتاجية ،فبينما كان يبحث عن موضوع الروتين اليومي للكُتاب الآخرين والفنانين بشكل عام خلال القرون السابقة ،ليستغل بحثه هذا في كتابة مادة هذا الكتاب ،فوضّح لنا طبيعة حياة العديد من الفنانين من مختلف المجالات من مؤلفين وفلاسفة وموسيقيين وكٌتاب ،أي ما لا يقل عن مائة ٍوواحدٍ وستين فناناً ،فكان لا بد من تناول الحديث عن أبرز الشخصيات القديمة والحديثة في الكتاب .
أهم الكتب الموجود PDF
6-1 ملكة الرواية البوليسية
كاتبة القصص البوليسية “أجاثا كريستي “لطالما أبهرتنا بقصصها البوليسية الشيقة ذات الحبكة الغامضة والممتعة. فقد كانت تعمد إلى وصف نفسها بأنها “امرأة متزوجه ” عندما يسألونها عن مهنتها، ولم تكن أجاثا كريستي تحدد موعدا للكتابة. فقد كانت تكتب متى ما كان ذلك مناسبا، وكان هذا ما أضاف لها بعداً تخصصياً أن عملت مساعدةً في صيدلية . ممّا سمح لها بولوج عالم السموم، الذي ترك بصماتٍ في رواياتها ورسم ملامح الدهشة على وجوه القرّاء. ولم يكن لديها مكان محدد للكتابة كباقي الكُتاب.
فكل ما تحتاج إليه لتباشر الكتابة هو طاولةٌ، وآلةٌ كاتبةٌ، أو حتى طاولة حوض غسلٍ مغطاة بالرخام على حد قولها.
6-2جندي الذي استبدل البندقية بورقة وحباره
“إرنست همنغواي” الحاصل على جائزة نوبل في الأدب. والذي اعتاد على الاستيقاظ صباحا في الفترة بين الخامسة والنصف والسادسة ليباشر الكتابة. فهو يحّب الكتابة في ساعات الصباح الأولى والتي يجد فيها الراحة والهناء والأهم من ذلك الهدوء. وقد كان الجو بارداً حينها لكن الكتابة تشعره بالدفء. ويقضي “إرنست” أجمل الأوقات في تعبئة ذاته مع من يحب إلى أن ينتهي. هكذا يصف الأوقات التي يقضيها في الكتابة، قد تكون ليلة إرنست حافلةً وتستمر إلى وقتٍ متأخر. ولكنه لم يتنازل عن الاستيقاظ في الصباح الباكر، كي يشرق مع شروق الشمس. كانت حياته حافلةً بالكثير من الأحداث . التي كانت مصدراً لإلهامه فيما بعد، فقد كان هجر حبيبته له هو مصدر إلهامه . وقد عاصر الحرب العالمية الاولى أيضًا، وشارك فيها كمسعفٍ، وفي الحرب وأصيب بعدة إصابات. كما عمل كمراسلٍ لصحيفة ، وعاصر أحداثًا مهمة ، وفيما بعد شاهد مسرحيةً عن الحرب العالميّة ليخرج بمادة لروايته الحاصلة على جائزة .
6-3 الطفل العبقري الموسيقي
طفلٌ عبقري استطاع العزف في سنٍ صغيرةٍ وإبهار الجميع، الموسيقي “موزارت” الذي سطّر اسمه بين أعظم الموسيقيّين الغربيّين. لطالما أبهر “موزارت” الجميع أينما حلّ في قدرته العجيبة على العزف. كان ذلك يعدّ عبقريةً وموهبةً لا مثيل لها . عمل كملحنٍ مستقل في فيينا . لقد كانت حياته مثمرةً على الرغم من قصرها، فقد كانت أيامه تمتلئ بالعمل والزيارات الاجتماعية . ممّا كان يستلزم عليه العمل وفق روتينٍ معّينٍ . فقد كان يستيقظ فجراً ويكون في كامل حلّته في الساعة السابعة صباحا كلّ يوم . ليبدأ بعدها بالعمل والتأليف حتّى الساعة التاسعة صباحاً،ومن التاسعة حتّى الساعة الواحدة بعد الظهر، يعطي دروساً ثم يتناول طعام الغداء. قد يكون موعد الغداء في الساعة الثالثة أو الخامسة، حسب المنزل الذي يذهب إليه . بعد السادسة مساءً يعود للتأليف والعمل، مالم يكن لديه حفل موسيقي . يعود إلى البيت في الساعة العاشرة و النصف أو الحادية عشر، يكمل تأليف الألحان حتى الواحدة . ليعود ويستيقظ مرةً أخرى في السادسة صباحاً.
6-4العمل في السرير
الفيلسوف والكاتب الشهير “فولتير” يحبّ العمل في السرير، وقد كان يبدأ روتين يومه بقيامه بالعمل ولكن في السرير. وبعد منتصف اليوم يغادر الفراش، ويرتدي ملابسه ليقابل زائريه، إنه لا يتناول غداء. ولكنّه يتناول الشوكولاتة والقهوة فقط ليحصل على قوت يومه. وفي حدود الساعة الثانية إلى الرابعة مساءً يذهب مع سكرتيره إلى المزرعة. بعد ذلك يعود “فولتير” للعمل حتّى الساعة الثامنة مساءً، ويمضي وقت العشاء مع ابنة اخته وغيرها.
ثمّ يواصل عمله من جديد حتّى جوف الليل. فقد قدّرت عدد ساعات عمله بنحو ثماني عشرة إلى عشرين ساعةً في اليوم.
6-5 بنجامين فرانكلين
المؤلّف والعالم والمخترع “بنجامين فرانكلين” وهو أحد مؤسسّي الولايات المتحدة الأمريكية . كتب جدول عمله الذي كان عبارةً عن جدولٍ للحصول على الأخلاق الكاملة . تكمن فكرته بالمختصر بتطبيق فضيلةٍ واحدةٍ لمدة أسبوعٍ وبعدها ينتقل لفضيلةٍ أخرى. لقد كان فرانكلين يعتقد أنّه إذا استمرّ والتزم بفضيلةٍ أخلاقيةٍ ما كالنظافة على سبيل المثال فإنها ستصبح عادة . وهكذا كان في كلّ أسبوع يختار فضيلة أخرى ويلتزم بها لمدة سبعة أيام .
6-6للوصول إلى نقطة أعمق
لكاتب والروائي والمترجم الياباني “هاروكي موراكامي”، يمثّل الروتين له سحراً.
ويظنّ أنّ الروتين يوصله إلى حالةٍ ذهنية عميقةٍ ممّا يجعله يكتب بشكلٍ أفضل، فعندما يشرع بكتابة روايةٍ ما. يستيقظ في الساعة الرابعة فجراً ويعمل حتى العاشرة صباحاً. وبنفس اليوم يقوم بهواياته التي يحبّها ومنها السباحة والركض والاستماع للموسيقى والقراءة. بالنّسبة لموراكامي فإنّ وقت النوم هو نفسه حسب رويتنه فإنه ينام في تمام التاسعة مساءً. وقد كان في السابق يدير مقهىً هو زوجته، إلا أنّه شعر بأنّ الاستقرار مملٌ وغير مفيد.
وفي يومٍ من الأيام وبينما كان في مقهاه استلهم “موراكامي” أن يكتب روايةً فأتمّها وشارك فيها بمسابقةٍ للكتّاب. وكانت المفاجئة هي فوزه في تلك المسابقة، شكل هذا الفوز بداية موراكامي ،ليكون كاتباً ومبدعاً. وسرعان ما انتقل إلى الريف ووضع روتينا ليومه، ورافق نجاحه أيضاً التنّقل بين عدة دول. فعلى الرغم من حصول توترٍ في علاقاته الاجتماعيّة، إلا أنه أحب من يقرؤون له كثيرا.
كتاب طقوس فنية ماسون كاري
رسم الكثير من المبدعين والفنّانين يومهم بروتينٍ قد يكون قاسيًا، وقد يكون متنوّعًا، هذا الاختلاف كان مادّة هذا الكتاب. الّذي يشرح وبشكلٍ واضحٍ أنّ العظماء الّذين يسطّرون أسمائهم على صفحات التاريخ لا يعيشون حالةً من الروتين الممل القاتل.
ولم يكن لدى الكثير منهم أوقات فراغ، بل كان البعض منهم يقوم بشغفه سرًا مثل “أجاثا كريستي” . ومنهم من كان متزمّتًا وملتزمًا بالروتين مثل “هاروكي موراكامي”، ممّا يوجب علينا الإيمان بقدرتنا على أن نصبح مبدعين مثلهم تمامًا . وليس كما الاعتقاد السائد والمحبط الّذي يقول أنّ العظماء لم يكن لديهم الوقت الكافي لهدره . وحياتهم لم تكن مرتّبة كما يريدون، فالكثير منهم كان يعيش حالة فوضى . ولكنّ السرّ كان في أنّهم يقومون بما يحبّون والبعض منهم كانوا موهوبين بطبيعتهم .
ورد في كتاب طقوس فنية يمكن للمرء أن يكون خصبًا للغاية دون الحاجة للكثير من العمل , ثلاث ساعاتٍ في الصباح ، وثلاث ساعاتٍ في المساء هذه هي قاعدتي الوحيدة-جان بول سارتر”- ماسون كاري